فأر تجارب للسيد شعبان جادو

خرجت كلماتي متشحة بالسواد حدادا على عمري الضائع…

عرفته من فترة ليست بالقصيرة ،كنت مغرما بكلماته الرائعة ،لقد تصورته حكيما ،دلف إلينا من ممر الزمن الماضي،تعبيراته،بل قل آراؤه،تشعر أنك بين يدي رجل استطاع أن يأتي إلى عالمنا خادعا حراس الأسوار الحديدية المنصوبة قهرا وعنتا،كنت فيما مضى أسترشد ببعض رأيه،ألتمس منه الرفد ،لم يكن يبخل علي، الآن أصبت بخيبة أمل فيه،لقد وضح لي ما كان خفيا عني،إنه كان يجرب علي،لم أكن غير فأر تجارب استطاع بمهارة أن يضعني في مصيدته،ربما كانت آراؤه هي فروض يحاول أن يختبر صحتها،وإذا جاءت خاطئة يدون ملاحظاته،يجري تعديلاته،لم أنتبه للورقة والقلم اللذين ما كانا يغادرانه!
لقد جعلني أشبه بالمومياء المتحركة بفعل نصائحه،كنت مثل عروس ظل يمسك بخيوطها،هو ماهر بلاشك استلب عقلي،قتل في رغبة الإرادة،حدثته مرة أنني أحبها،قابل كلماتي ببرود لم أعتده منه،نقاشني بموضوعية جعلتني أرى الحب خطيئة،لم أشعر في كلماته عنها غير أن تلك علاقة حيوانية،علي أن أكون متساميا على عواطفي،أن أنظر للعالم والأشياء نظرة الفليسوف المعلل،ليتني ما سمعت تلك الآراء العقيمة،مالي ولكل هذا؟
أريدها أن تكون معي،يؤلمني ألا يكون لي طفل،ما حاجتي لكل تلك الأفكار الهلامية،أنا أحتاج الحب!
في هذه الليلة جلست وحيدا،بدأت أدير شريط حياتي،كانت مثل ابتسامة حلوة وسط تيار جارف من الآلام،بادلتها الود،تعلقت بها،لا أدري لم استجبت له؟
لقد كان بلا قلب!
مثل الوجوه الكالحة التى قابلتها في حياتي،ظل محافظا على علاقتي به،كنت أكرهه،لقد أحال عالمي إلى خدر كريه،إنه يتلاعب بي،لم أجرب مرة أن أوصد بابي في وجهه،لقد تشبعت به،يا لغرابة الأشياء!
أنا عاجز أمامه،هل سحرني؟
إنه تسلط علي،ليتني ما كنت متفوقا،بل كم أتمنى الآن أن أكون خامل الذكر،ما جدوى تلك الشهادات والأوسمة،تبين لي لاحقا أنه صنع مني كائنا ممسوخا،لا قلب ولا عاطفة له،فقط التفوق له بريق خادع وهو علم في ذلك الاحتياج إليه،كنت مثل نبات دوار الشمس،إنه هو من ربح ،لقد ظهر أخيرا على شاشة التلفاز،يتسلم جائزة تقديرية؛كنت موضوع جائزته انهالت عليه عبارات الثناء،كلما وجدت تهنئة أنتحب،كنت كائنا مزيفا،لقد كان لصا بارعا،سرق مني قراري،لم أتمالك نفسي،أسرعت وأمسكت بالهاتف،اتصلت به على الهواء ،ظن أنني ما أزال مخدوعا فيه،لقد قلت الحقيقة التى يجهلها الكل،إنه سرق أحلامي ،دمر وجودي!
خرجت كلماتي متشحة بالسواد حدادا على عمري الضائع،كنت مثل الأبله الذي يسخر منه الجمهور على خشبة المسرح،ليتني ما عرفته،إنكم تكرمونه على ما فعل بي،تلك أكذوبة وخداع،تحولت إلى دمية في يديه،صفق المذيع لكلماتي أثنى علي، أجبته: من يعيد إلي قلبي الميت؟
كانت حياتي بلا قيمة،لقد صرت بلا عمر،خواء كل الآراء التى أماتت في الاختيار؛ضاعت مني،بل الآن أنا على مشارف الخمسين ولا زوجة لي!
لقب مغلف بحرف “د” أشبه بقيد حديدي كريه،أحسد بائع الفول الذي أمر به في طريقي؛حوله أطفاله كأنما هو ملك متوج!

Related posts

Leave a Comment